الإيمان و الاتكال على الله في الحياة اليومية

002.jpg

صديقي .. صديقتي

   ها هي رسالة جديدة من دراساتنا ، و سوف نتعرض فيها لقانون هام في طريق حياتنا مع الله و هو الإيمان ،

فيخبرنا الوحي المقدس في      :        " بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه " . فتعال معنا لنتعرف عن الإيمان.  

ما هو الإيمان ؟

    عب 11 : 1 " أما الإيمان فهو الثقة بما يرجى و الإيقان بأمور لا ترى ". 

   الإيمان هو أن تثق في أن ما ترجوه لابد و أن يتحقق و أن تقتنع بأن ما لا تراه هو موجود بالفعل .

   فهو الخروج من دائرة الواقع المنظور إلى بعد جديد و هو التصديق في كلام الله و في صلاحه و قدرته و أمانته حتى و لو كان الواقع يوضح العكس و لو كانت كل  الأمور تسير ضد ذلك .

   فالإيمان يحتوى على تحدى واضح  لظروف الحياة  فهو  لا يعنى الهروب من الواقع و إنما يعنى التصديق المطلق في وعود الله  . فحياة الإيمان هي حياة التسليم و الثقة في الله مثل طفل صغير مطمئن لأن يده في يد والده الكبير الذي يحبه  فالإيمان هو منطق ضد منطق العالم الذي نحياه و هو قانون فوق طبيعي نستطيع أن نسلك فيه   .

 

لمـاذا تثق في الله ؟

  لكي ما يكون بداخلك هذا التحدي الدائم لابد و أن تكون هناك أسباب تدفعك أن تثق في الله مهما كان الواقع من حولك و هذه الأسباب تتأكد من خلال معرفة صفات الله المنفردة :-

  1 - الله أب محب و رؤوف  : مز 103 : 13 "  كما يترأف  الأب على البنين يترأف الرب على خائفيه "                            

2- الله رحيم : مز 86: 15  " أما  أنت يا رب فإله رحيم  و رؤوف طويل الروح و كثير الرحمة و الحق " 

3 -  الله أمين و لا يتغير : يع 1 : 17   "  كل عطية صالحة و كل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبى الأنوار الذي ليس عنده تغيير و لا ظل دوران "

4- الله قدير جداً و متحكم في كل الأمور :  مز 89 : 13   

  " لك ذراع القدرة . قوية يدك . مرتفعة  يمينك"

5- الله هو الراعي : مز 23 : 1 " الرب راعى فلا يعوزني شئ "  ، مز 34 : 10 " الأشبال احتاجت و جاعت و أما طالبو الرب فلا يعوزهم شئ من الخير "

6- الله صالح :  مز 86 : 5 " لأنك أنت يا رب صالح و غفور و كثير الرحمة لكل الداعين إليك "

مز 145 : 9 " الرب صالح للكل و مر احمه لكل أعماله "

بذلك ترى أن الله هو المستحق أن تثق فيه و أن تؤمن بصلاحه في حياتك  .

 

مصــــادر أمــان زائفـــــة :-

  1 - المال : أم 11 : 28 " من يتكل على غناه يسقط "  . فالمال لا يضمن الأمان للإنسان فهو مصدر غير دائم و معرض في أي وقت للزوال و يتغير بحسب الظروف .

  2- القوة و العنف : مز 62 : 11 " … العزة لله " . فإن كانت القوة تمثل لك مصدر للأمان فالله هو كلى القوة و القدرة و هو فوق الجميع يتسلط .

  3- العظماء و الرؤساء و ذوي المناصب :مز 118 : 8-9      " الاحتماء بالرب خير من التوكل على إنسان . الاحتماء بالرب خير من التوكل على العظماء "

فالأشخاص قد تتغير طبائعها و قد تتغير مناصبهم و سلطتهم أما الله فلا يعتريه تغير و لا ظل دوران .

  4- الذات و الحكمة البشرية : أم 28 : 26 " المتكل على قلبه هو جاهل و السالك بحكمة هو ينجو " . 

فمهما كان الإنسان حكيماً فحكمته محدودة و هو دائماً يحتاج لشخص أعظم منه في المعرفة و الفهم و الحكمة و هذا الشخص هو الله عز و جل . 

أم 3 : 5 " توكل على الرب بكل قلبك و على فهمك لا تعتمد " .

 

معوقات الاتكال على الله :-

  1 - خبرات سابقة سلبية :- فقد يمتلئ ذهن البعض منا بأنه يوماً اتكل على الله في أمر ما إلا أن هذا الأمر فشل فقد يتوارد إلى ذهننا أن الله قد تخلى عن أيوب و سلمه للمرض و الفقر إلا أننا عندما نقرأ سفر أيوب بأكمله سندرك جود الرب و صلاحه في حياته . 

فكما يخبرنا الكتاب المقدس في الرسالة إلى رومية   8 : 28   " كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده ".

فلابد أن يملئنا هذا اليقين بأن الله دائماً و أبداً مشيئته لخليقته صالحة و  كلها للخير  مهما كانت الأحداث  من حولنا طالما اخترنا أن يكون هو عوننا و سيد لكل أمور حياتنا مز       " للرب سلم طريقك و اتكل عليه و هو يجرى " 

فيملئنا هذا الأيمان بالفرح و السلام حتى في أكثر الأوقات شدة و ضيق .مز           " عند كثرة همومي في داخلي تعزياتك تلذذ نفسي "

 

 2- أفكار خاطئة :  مثل  الفكر السائد عن القدر  فقد يخلط البعض بين الاتكال على الله و القضاء و القدر . القضاء و القدر هو عمل سلبي يحتوى في معناه على استسلام للواقع  فهو رد فعل معناه قبول الأحداث بعد وقوعها  فالقدرية تخلق شخص متواكل بعيد تماماً عن فكر الله و ذلك على عكس مفهوم الإيمان فالأيمان هو عمل إيجابي  و به نتحدى الواقع و نتمسك بوعود الله لنا لنغير  هذا الواقع  فهو يعنى راحة و ثقة في الله و هو يقبل الأحداث حتى قبل وقوعها  فالإيمان يخلق شخص يغير في الواقع و الظروف و يستطيع أن يفهم فكر الله و أن يسلك بقوانينه .



3-  المنطق و الحكمة البشرية  :  فقد لا يقبل الذهن البشرى أو  المنطق العام أن نتصرف  بإيمان فيما  نواجهه  في حياتنا اليومية .  و لكن إن كنا نتمسك بأفكارنا فأننا بذلك نمنع تدخل الله في حياتنا . 

فالله هو كلى الحكمة و العلم  و أفكاره هي أعمق من أفكارنا     و هو أحكم من أعظم الحكماء فهو المذخر فيه كل كنوز الحكمة  . أش              " كما علت السموات  عن الأرض هكذا علت أفكاري عن أفكاركم و طرقي عن طرقكم  "و لا يستطيع منطقنا البشرى أن يقبل حكمة الله إلا بالأيمان و لا يستطيع أن يتغير  ذهننا و تتغير أفكارنا إلا بالثقة في شخصه العظيم .

 رومية  12 : 2 " بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتعلموا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية " . فلكي أستطيع أن أفهم مشيئة الله في حياتي لابد  أن أتلامس مع فكره و أن أتنازل عن أفكاري و منطقي.  

 

4- الظروف الصعبة :  كثيراً مما نواجه في حياتنا ظروف  صعبة أو مواقف مؤلمة مثل المرض - الاحتياج المادي - و غيرها من المشاكل التي تشعرنا و كأننا  نسير تحت ثقل كبير و لكن ها هي دعوة  الله لنا اليوم في مز           " ألق على الرب همك    و هو يعولك "

 فنحن كبشر بإمكانياتنا المحدودة  و بأفكارنا و منطقنا  نعجز أن نجد حلولاً كاملة و مرضية لهذه الأمور و لا يبقى لنا سوى الثقة في شخص أعظم منا  في المعرفة و الفهم و قدير في أعماله    و محب لخليقته ليعولنا و يسدد احتياجاتنا بحسب غناه في المجد. فالله ينتظر منا  أن نلجأ إليه في كل حين و ينتظر منا مثل هذا الأيمان الذي يتحدى كل هذه الأمور كما في مز      " الله لنا ملجأ و قوة . عوناً في الضيقات وجد شديداً ".

 

نتائــج الاتـكــــال على الـلـــه :-

  1- السلام  : أش 26 : 3 " ذو الرأي الممكن تحفظه سالماً سالماً . لأنه عليك متوكل " . فعندما تكون كل الأمور بيد الله       و يكون بداخلك هذا الإيمان فإنه يتولد بداخلك سلام الله . فمن ذا الذي يضطرب و هو يعلم أن كل أمور حياته و تفاصيلها الصغيرة  بيد سيد الأرض كلها .

  2- البركة : 

  3 - الثبات و القوة :  مز         " المتوكلون على الرب مثل جبل صهيون الذي لا يتزعزع"

  4- الفرح : مز 5 : 11 -12 " و يفرح جميع المتكلون عليك . إلى الأبد يهتفون و تظللهم و يبتهج بك محبو أسمك   " فعندما تعاين صلاح الله و ما يصنعه في حياتك من خير فأنك تفرح به و تهتف بالحمد لأسمه.

  5- الرحمة تحيط به : مز 32 : 10 "  …. أما المتوكل على الرب فالرحمة تحيط به " . فالله يحفظ المتكلين عليه و يرحمهم   و يدفع عنهم كل ضيق و شر  . فهو لا يخزى طالبيه و لا يترك المتكلين عليه .

  6- الأمان : أش 7 : 9   " إن لم تؤمنوا فلم تأمنوا "  .

 فالأمان   و الأيمان هما وجهان لعملة واحدة