صديقي .. صديقتي
ها هي رسالة جديدة من دراساتنا ، و سوف نتعرض فيها لقانون هام في طريق حياتنا مع الله و هو الإيمان ،
فيخبرنا الوحي المقدس في : " بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه " . فتعال معنا لنتعرف عن الإيمان.
ما هو الإيمان ؟
عب 11 : 1 " أما الإيمان فهو الثقة بما يرجى و الإيقان بأمور لا ترى ".
الإيمان هو أن تثق في أن ما ترجوه لابد و أن يتحقق و أن تقتنع بأن ما لا تراه هو موجود بالفعل .
فهو الخروج من دائرة الواقع المنظور إلى بعد جديد و هو التصديق في كلام الله و في صلاحه و قدرته و أمانته حتى و لو كان الواقع يوضح العكس و لو كانت كل الأمور تسير ضد ذلك .
فالإيمان يحتوى على تحدى واضح لظروف الحياة فهو لا يعنى الهروب من الواقع و إنما يعنى التصديق المطلق في وعود الله . فحياة الإيمان هي حياة التسليم و الثقة في الله مثل طفل صغير مطمئن لأن يده في يد والده الكبير الذي يحبه فالإيمان هو منطق ضد منطق العالم الذي نحياه و هو قانون فوق طبيعي نستطيع أن نسلك فيه .
لمـاذا تثق في الله ؟
لكي ما يكون بداخلك هذا التحدي الدائم لابد و أن تكون هناك أسباب تدفعك أن تثق في الله مهما كان الواقع من حولك و هذه الأسباب تتأكد من خلال معرفة صفات الله المنفردة :-
1 - الله أب محب و رؤوف : مز 103 : 13 " كما يترأف الأب على البنين يترأف الرب على خائفيه "
2- الله رحيم : مز 86: 15 " أما أنت يا رب فإله رحيم و رؤوف طويل الروح و كثير الرحمة و الحق "
3 - الله أمين و لا يتغير : يع 1 : 17 " كل عطية صالحة و كل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبى الأنوار الذي ليس عنده تغيير و لا ظل دوران "
4- الله قدير جداً و متحكم في كل الأمور : مز 89 : 13
" لك ذراع القدرة . قوية يدك . مرتفعة يمينك"
5- الله هو الراعي : مز 23 : 1 " الرب راعى فلا يعوزني شئ " ، مز 34 : 10 " الأشبال احتاجت و جاعت و أما طالبو الرب فلا يعوزهم شئ من الخير "
6- الله صالح : مز 86 : 5 " لأنك أنت يا رب صالح و غفور و كثير الرحمة لكل الداعين إليك "
مز 145 : 9 " الرب صالح للكل و مر احمه لكل أعماله "
بذلك ترى أن الله هو المستحق أن تثق فيه و أن تؤمن بصلاحه في حياتك .
مصــــادر أمــان زائفـــــة :-
1 - المال : أم 11 : 28 " من يتكل على غناه يسقط " . فالمال لا يضمن الأمان للإنسان فهو مصدر غير دائم و معرض في أي وقت للزوال و يتغير بحسب الظروف .
2- القوة و العنف : مز 62 : 11 " … العزة لله " . فإن كانت القوة تمثل لك مصدر للأمان فالله هو كلى القوة و القدرة و هو فوق الجميع يتسلط .
3- العظماء و الرؤساء و ذوي المناصب :مز 118 : 8-9 " الاحتماء بالرب خير من التوكل على إنسان . الاحتماء بالرب خير من التوكل على العظماء "
فالأشخاص قد تتغير طبائعها و قد تتغير مناصبهم و سلطتهم أما الله فلا يعتريه تغير و لا ظل دوران .
4- الذات و الحكمة البشرية : أم 28 : 26 " المتكل على قلبه هو جاهل و السالك بحكمة هو ينجو " .
فمهما كان الإنسان حكيماً فحكمته محدودة و هو دائماً يحتاج لشخص أعظم منه في المعرفة و الفهم و الحكمة و هذا الشخص هو الله عز و جل .
أم 3 : 5 " توكل على الرب بكل قلبك و على فهمك لا تعتمد " .
معوقات الاتكال على الله :-
1 - خبرات سابقة سلبية :- فقد يمتلئ ذهن البعض منا بأنه يوماً اتكل على الله في أمر ما إلا أن هذا الأمر فشل فقد يتوارد إلى ذهننا أن الله قد تخلى عن أيوب و سلمه للمرض و الفقر إلا أننا عندما نقرأ سفر أيوب بأكمله سندرك جود الرب و صلاحه في حياته .
فكما يخبرنا الكتاب المقدس في الرسالة إلى رومية 8 : 28 " كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده ".
فلابد أن يملئنا هذا اليقين بأن الله دائماً و أبداً مشيئته لخليقته صالحة و كلها للخير مهما كانت الأحداث من حولنا طالما اخترنا أن يكون هو عوننا و سيد لكل أمور حياتنا مز " للرب سلم طريقك و اتكل عليه و هو يجرى "
فيملئنا هذا الأيمان بالفرح و السلام حتى في أكثر الأوقات شدة و ضيق .مز " عند كثرة همومي في داخلي تعزياتك تلذذ نفسي "
2- أفكار خاطئة : مثل الفكر السائد عن القدر فقد يخلط البعض بين الاتكال على الله و القضاء و القدر . القضاء و القدر هو عمل سلبي يحتوى في معناه على استسلام للواقع فهو رد فعل معناه قبول الأحداث بعد وقوعها فالقدرية تخلق شخص متواكل بعيد تماماً عن فكر الله و ذلك على عكس مفهوم الإيمان فالأيمان هو عمل إيجابي و به نتحدى الواقع و نتمسك بوعود الله لنا لنغير هذا الواقع فهو يعنى راحة و ثقة في الله و هو يقبل الأحداث حتى قبل وقوعها فالإيمان يخلق شخص يغير في الواقع و الظروف و يستطيع أن يفهم فكر الله و أن يسلك بقوانينه .
3- المنطق و الحكمة البشرية : فقد لا يقبل الذهن البشرى أو المنطق العام أن نتصرف بإيمان فيما نواجهه في حياتنا اليومية . و لكن إن كنا نتمسك بأفكارنا فأننا بذلك نمنع تدخل الله في حياتنا .
فالله هو كلى الحكمة و العلم و أفكاره هي أعمق من أفكارنا و هو أحكم من أعظم الحكماء فهو المذخر فيه كل كنوز الحكمة . أش " كما علت السموات عن الأرض هكذا علت أفكاري عن أفكاركم و طرقي عن طرقكم "و لا يستطيع منطقنا البشرى أن يقبل حكمة الله إلا بالأيمان و لا يستطيع أن يتغير ذهننا و تتغير أفكارنا إلا بالثقة في شخصه العظيم .
رومية 12 : 2 " بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتعلموا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية " . فلكي أستطيع أن أفهم مشيئة الله في حياتي لابد أن أتلامس مع فكره و أن أتنازل عن أفكاري و منطقي.
4- الظروف الصعبة : كثيراً مما نواجه في حياتنا ظروف صعبة أو مواقف مؤلمة مثل المرض - الاحتياج المادي - و غيرها من المشاكل التي تشعرنا و كأننا نسير تحت ثقل كبير و لكن ها هي دعوة الله لنا اليوم في مز " ألق على الرب همك و هو يعولك "
فنحن كبشر بإمكانياتنا المحدودة و بأفكارنا و منطقنا نعجز أن نجد حلولاً كاملة و مرضية لهذه الأمور و لا يبقى لنا سوى الثقة في شخص أعظم منا في المعرفة و الفهم و قدير في أعماله و محب لخليقته ليعولنا و يسدد احتياجاتنا بحسب غناه في المجد. فالله ينتظر منا أن نلجأ إليه في كل حين و ينتظر منا مثل هذا الأيمان الذي يتحدى كل هذه الأمور كما في مز " الله لنا ملجأ و قوة . عوناً في الضيقات وجد شديداً ".
نتائــج الاتـكــــال على الـلـــه :-
1- السلام : أش 26 : 3 " ذو الرأي الممكن تحفظه سالماً سالماً . لأنه عليك متوكل " . فعندما تكون كل الأمور بيد الله و يكون بداخلك هذا الإيمان فإنه يتولد بداخلك سلام الله . فمن ذا الذي يضطرب و هو يعلم أن كل أمور حياته و تفاصيلها الصغيرة بيد سيد الأرض كلها .
2- البركة :
3 - الثبات و القوة : مز " المتوكلون على الرب مثل جبل صهيون الذي لا يتزعزع"
4- الفرح : مز 5 : 11 -12 " و يفرح جميع المتكلون عليك . إلى الأبد يهتفون و تظللهم و يبتهج بك محبو أسمك " فعندما تعاين صلاح الله و ما يصنعه في حياتك من خير فأنك تفرح به و تهتف بالحمد لأسمه.
5- الرحمة تحيط به : مز 32 : 10 " …. أما المتوكل على الرب فالرحمة تحيط به " . فالله يحفظ المتكلين عليه و يرحمهم و يدفع عنهم كل ضيق و شر . فهو لا يخزى طالبيه و لا يترك المتكلين عليه .
6- الأمان : أش 7 : 9 " إن لم تؤمنوا فلم تأمنوا " .
فالأمان و الأيمان هما وجهان لعملة واحدة