إن إمتياز الإبوة والأمومة متعة ولكنه يحملنا أهم مسئولية في الحياة، إذ يحسبنا الله مستأهلين للقيام بها . ونحن نؤمن أن البنون ميراث من عند الرب وأن ثمرة البطن أجرة (مز 3:127) لذلك لنا شرف القيام بمسئولية تربية أولادنا وتنشئتهم في مخافة الرب، ليحققوا قصد الله في حياتهم كخدام أمناء في ملكوت الله .
إن كلمة الله المقدسة هي التي لها سلطان التعليم والنافعة لنا (2تي 16:3) فحوالي 68 جزء من الكتاب المقدس يحثنا على تربية أولادنا كما يقدم لنا مثال الإبوة في صورة الله الآب الذي يتعامل معنا بمعاملات شخصية جداً، وهو يدعونا أن نربي أولادنا بنفس الطريقة كل كفرد متميز متميز فريد فلا نغيظهم أبداً بل نربيهم بتأديب الرب وإنذاره (أف 4:6).
بعض المبادئ الأساسية العامة في تربية الأبناء
1- نحن لا نمتلك أولادنا لكننا وكلاء عليهم هذا هو المفهوم الأول الذي ينبغي أن يكون عندنا كآباء فنحن جميعاً ملك الخالق الحقيقي فكل طفل يولد هو مخلوق بواسطة الله وعلى صورة الله ليكون له علاقة شخصية بالله خالقة، وبالرب يسوع المسيح فاديه ومخلصه ليعيش لا لنفسه بل للذي مات من أجله (2كو 15:5).
2- إن تربية أبناءنا تعتبر أعظم استثمار في الحياة. فقد سئل أحد التربويين المسيحيين عن متى نبدأ في تربية وتدريب الطفل ؟ قال: قبل أن يولد بـ80 عاماً ولما سئل ماذا يعني بذلك؟ فال: ابدأ بتربية جده الذي يقوم بتربية والده الذي سيقوم بتربيته. والمقصود هنا أنه عندما نقوم بتربية الطفل يجب أن تكون لدينا نظرة بعيدة المدى، فهو طفل اليوم ووالد الغد وجد بعد الغد إذ أن في الطفل بذرة حياة لأجيال بداخله.
(مز6،5:78) التي أوصى آباءنا أن يعرفوا بها أبناءهملكي يعلم الجيل الآخر. بنون يولدون فيقومون ويخبرون أبناءهم. وبهذا ينقل تراث الإيمان إلى الجيل الرابع. وهذا أعظم إستثمار وأعظم تحد للأباء.
3- لقد ثبت علمياً أن السنوات الأولى في حياة الإنسان تؤثر في كل حياته المستقبلية، أي أن شخصية كل إنسان تتشكل في السبع السنوات الأولى من عمره حيث أن الجسم يكون في حالة نمو وتغير مستمر وسريع. لذا يجب الإهتمام الجاد والاستفادة بهذه السنوات الأساسية في عمر الإنسان إلى أقصى حد، فندربه على العادات الصالحة ونغرس فيه جميع القيم والمبادئ الإيمانية والأخلاقية لخيره ولخير المجتمع الذي يعيش فيه. إذ تعتبر عملية التنشئة في هذه السنوات أمراً سهلاً بالمقارنة بتصحيح وتغيير سلوك الكبار
4- سيواجه أبناءنا في مسيرة حياتهم مؤثرات كثيرة وضغوط مختلفة يجب أن نجهزهم لما سوف يقابلونه في الحياة بتدريبهم على مواجهة مشاكلهم المختلفة والتغلب عليها بأنفسهم. وتعليمهم بالتدريج تحمل المسئولية إذ أن المسئولية هي فيتامين الشخصية (مثال: الشجرة التي تنموا في الصحراء تكون قوية وجذورها ممتدة لتبحث عن الماء أما الشجرة التي تنموا في المناخ الممطر تكون ضعيفة.)
5- إن كانت العملية التعليمية هامة ولازمة جداً، لكن تعتبر عملية التدريب أكثر أهمية منها فلا يمكن أن يكون هناك تعليم بدون تدريب فإن التعليم يساعد الطفل على أن يعرف ويفهم ما هو مطلوب منه أما التدريب فيقوم بالتأثير فيه ودفعه لأن ينفذ ما تعلمه وحيث أن التعليم يتعامل مع عقل الطفل أما التدريب فيتعامل مع إرادته التي تحركه وهي إرادة حرة لذا فعملية التدريب أصعب وتحتاج إلى ذكاء وبراعة وذوق وحساسية وحكمة وصبر.
6- إن عملية التدريب على الطاعة للسلطة الوالدية في حياة الطفل تعتبر أعظم قيمة في التربية، كما أنها تساعده على طاعة الوصية الكتابية والخضوع في المستقبل لأي سلطة وأهمها الخضوع لسلطة الله (أف 1:6) "أيها الأولاد أطيعوا والديكم في الرب لأن هذا حق."
لقد سئلت والدة "جون وسلي" المصلح المشهور في القرن الثامن عشر، عن فلسفتها في التربية حيث إنها قامت 17طفلاً بنجاح فائق وقد صاروا جميعاً مؤثرين في خدمة ملكوت الله. أجابت قائلة:
( أ ) أنها كانت تجتهد في أن تخضع "إرادة الطفل" لسلطة والديه في وقت مبكر فلا تنتظر أن يصبح الطفل عنيداً صلباً إذ يكون من الصعب تقويمه وكانت تتعامل مع كل طفل في هذا الأمر بحسب تميزه وتفرده وطاقته فهي كانت تكسر عناده ولا تكسر شخصيته .
فالآباء اللذين يهتمون بتصحيح أخطاء الطفل أولاً بأول هم الآباء الحانيين والمحبين للطفل. ويجب أن يكون هناك تمييز بين الهفوات