مفهوم التبعية :-
هي تعني تسليم الحياة بالكامل لله بكل ما فيها ، و اتباع طرقه و الاستعداد لتحمل الخسائر و الآلام من أجله.
فمعنى أن تتبع شخص ما هو أن تسير وفقاً لطريقة تفكيره ، أفعاله ، أقواله و أن تتخذ حياته منهج في كل أمور الحياة.
حياة التبعية: -
حياة التبعية اختيارية نابعة من قرار إرادي يتخذ بفرح ، و لأنها قرار فلابد من وجود الدافع الذي يحفز عليها:-
1- المحبة القصوى للمسيح: لو 14 : 26 " إن كان أحد يأتي إلى و لا يبغض أباه و أمه و امرأته و أولاده و أخوته حتى نفسه أيضاً فلا يقدر أن يكون لي تلميذاً" و هذه الكلمات لا تعني أن نكره أقاربنا و إنما تعني أن نحب المسيح محبة قوية جداً حتى إذا ما قورنت بمحبتنا بمن حولنا فتكون محبتنا للبشر كأنها بغضة ، فيكون للمسيح المكانة الأولى فنحبه أكثر من أي إنسان آخر.
2- اتباع كلمات الحق: يو14: 6 " قال له يسوع . أنا هو الطريق و الحق و الحياة . ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي" فالكتاب المقدس يشير إلى أنه يوجد طريق واحد للآب
شروط التبعية:-
إن اتباع المسيح يلزمه استعداد حقيقي يتم بعمل الروح القدس ، فهو يأتي نتيجة تغيير داخلي من خلال عمل الصليب في حياة المؤمن و هذا التغيير يتمثل في :
- إنكار الذات : مت 16: 24 " إ، أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه " و معنى الذات أن يكونا الإنسان هو صاحب القرار وحده في كل أمور حياته ، و لا يوجد سيد غيره على حياته .
غلا 2 : 20 " مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في" و الصلب يعني الموت - الموت عن الذات - أي الموت عن أفكار الإنسان الشخصية ، و رغباته كما مات المسيح على الصليب ، و يترك المسيح ليحيا في داخله و يمتلك القلب و الأفكار.
- حمل الصليب : مت 16 : 24 " إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه و يحمل صليبه و يتبعني" فمنذ القدم و الصليب هو رمز الاضطهاد و الضيق و العار. و قد تحمل المسيح كل هذا من أجل الهدف العظيم و هو فداء البشرية . و من يتبع المسيح فهو يسير في نفس طريقه من تحمل الألم و الاضطهاد و الضيق من العالم و تحمل كل خسائر مادية و جسدية من أجل المسيح متمثلين بالمسيح نفسه عب 12 : 2 " ناظرين إلى رئيس الإيمان و مكمله يسوع المسيح ، من أجل السرور الموضوع أمامه أحتمل العار مستهيناً بالخزي".
2 كو 5 : 15 " و هو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم و قام "
- إنفاق الحياة: مر 9 : 35 " فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها و من يهلك نفسه من أجلي و من أجل الإنجيل فهو يخلصها ". لكل شخص في العالم أهداف شخصيه كثيرة قد ينفق وقته بل و حياته أيضاً من أجلها ، و لكن نحن لسنا أبناء العالم و لكننا أبناء الله لنا فكر و أهداف الله. فمن يتبع المسيح هو يحمل أفكاره و أهداف المسيح و هي الشيء الأول في حياته فينفق حياته من أجلها .
- ترك كل شيء: في 3 : 7-8 " ما كان لي ربحاً فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة . بل و أني أحسب كل شيء أيضاً خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي الذي من أجله خسرت كل الأشياء و أنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح".
قال أحدهم : " ليس من الغباء أن تتخلى عن مالا يمكن أن تحتفظ به مقابل أن تأخذ ما لا يمكن أن تفقده".
- ثبات دائم في كلمة الله : يو 8 : 31 " فقال يسوع لليهود الذين آمنوا به إنكم إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي" فالتبعية الحقيقية و التلمذة الجادة تتميز بالاستمرار و المداومة فقد نجد البعض سهل عليهم جداً أن يبدءوا جيداً و بحماس و لكن الاختبار الحقيقي هو الثبات للنهاية .
الطاعة المتقطعة لوصايا الكتاب المقدس و الإتباع المجزأ لتعاليمه لا يكفيان و لا ينفعان المسيح فهو يطلب طاعة دائمة و متواصلة بلا انقطاع.
الثورية :
و معنى الثورية هي الجذرية و عدم المساومة و عدم الرضا بأنصاف الحلول ، و الثورية هي الطريقة التي يتعامل بها الله معنا ، فالله لا يقبل التنازلات أو المساومة فهذه أفكار العالم و ليس فكر الله
أع 4 : 12 " و ليس بأحد غيره الخلاص . لأن ليس اسم آخر تحت السماء أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص" فليس هناك مساومة فالخلاص أمر جازم و طريقه الوحيد هو اسم يسوع.
رؤ3 : 15-16 " أنا عارف أعمالك ‘انك لست بارداً و لا حاراً . ليتك كنت بارداً أو حاراً ، هكذا لأنك فاتر و لست بارداً أو حاراً ، أنا مزمع أن أتقياءك من فمي "
تحركات الله جذرية فيها حلول قاطعة و كاملة.
و الثورية هي بداية الطريق الصحيح لحياة التبعية فهي الطريق الذي سار فيه المسيح قبلنا
صفات الشخص الثوري:
- له هدف: 1 يو 3 : 8 " لها أظهر ابن الله لينقض أعمال إبليس " فالرب يسوع كان له هدف يسعى نحوه فأينما تظهر أعمال أبليس كان يتقدم و ينقضها.
عب 12 : 2 " من أجل السرور الموضوع أمامه استهان بالخزى " يسوع كان لديه هدف من أجله كان مستعد أن يحتمل أي شيء . و من أجل أن يسوع كان لديه هدف فهو كثيراً ما اصطدم بالكتبة و الفريسيين و بقطاعات مختلفة من الشعب. فكثيراً ما واجه المجتمع بسبب اختلاطه بالعشارين و الخطاه الذين ينبذهم العالم .
- لا يتنازل عن الحق.
- لا يخاف من النتائج . فالمسيح أعلن كلمة الحق في كل مكان ذهب إليه . إن اعلان كلمة الحق يعطي سلطان و الخوف من النتائج يعلن عدم السلطان رو 8 : 35 "
فالمائت مع المسيح كل يوم لا يوجد مكان للخوف داخله .
- لا يهتم بتقيمات الناس : 2 كو 6 : 8-10 "
الثورية و التطرف :
قد يخلط البعض بين الثورية و التطرف و لكن الحقيقة هي أنه هناك فرق كبير و جوهري بين كل منهما ، فالثورية تبني مت 5 : 17 " لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس و الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل " أما التطرف فهو يهدم دائماً
و الثورية مبنية على رؤية و هدف واضح أما التطرف فهو مجرد عصبية غير مقبولة و غير مهدفة ، أيضاً الشخص الثوري يخضع لقانون يلتزم به أما المتطرف فهو شخص متمرد رافض لأى سلطة من أي نوع .
و الثوري يحب الآخرين و عنده رغبة قوية لتحريرهم أما المتطرف فدائماً ينقد الآخرين و يدينهم.
عقبات في سبيل الثورية:
و تتمثل في العقبات الخارجية التي قد تواجه الإنسان الذي يريد أن يسلك بثورية حقيقية :
- اغراءات : مت 4 : 8- 9 " ثم أخذه أيضاً إبليس إلى جبل عال جداً و أراه جميع ممالك العالم و مجدها . و قال له أعطيك هذه جميعها إن خررت و سجدت لي".
و مثلما حدث في التجربة على الجبل ، فإنه يتواجه كل يوم مع الإنسان الذي يريد أن يتبع المسيح بإغراء المال ، المركز و السلطة ، إعجاب الآخرين ، و لو استسلم لهذه الإغراءات فلن يقدر أن يتبع المسيح بطريقة ثورية.
- افتراءات : فقد يزعمون بأن الثوري هو شخص متطرف ، مبالغ في التدين ، و لكن هدف إبليس هو أن نتعامل مع هذه الإفتراءات كحقيقة فيتراجع الثوري عن موقفه بالرغم من أن كلها أكايب كما أفتري على يسوع و قيل عنه أنه مفسد الأمة.
- تنازلات : إن الحق لا يمكن أن تتنازل عنه فلو تنازلت عن جزء من الحق فأنت تعلن أنه ليس حق بل هو مجرد إقناع شخصي.
- التخويف : لو 19 : 38 "
لا تجعل النتائج تتجكم في تصرفاتك و لكن اجعل أهدافك هي أساس تصرفاتك.
حساب النفقة :
الرب يسوع لم يضغط على أحد ليتبعه و إنما كان صريح جداً و نصح بأنه لا بد أولاً أن تحسب النفقة . لو 14 : 28 - 30 " و من منكم و هو يريد أن يبني برجاً لا يجلس أولاً و يحسب النفقة ، هل عنده ما يلزم لكماله لئلا يضع الأساس و لا يقدر أن يكمل"
فطريق التبعية ليس سهل و يتطلب قرار حاسم و استمرارية في تنفيذ هذا القرار .
عقبات التبعية :
- محبة الذات : من أكبر المعطلات في طريق التبعية هي الذات فهي تعمل ضد المسيح و ضد الخضوع الكامل للرب فإما أ، تحب نفسك أو تحب الرب و تطيعه من كل قلبك . مر 8 : 35 " فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها . و من يهلك نفسه من أجلي و من أجل الإنجيل فهو يخلصها".
- محبة العالم و الخوف من الفشل : فكثيراً ما يبعدنا عن تبعية المسيح شهوات العالم و إغراءاته و التمسك بحقوق زائلة و الرغبة في تحقيق طموحات عالمية و الخوف من فقدانها .
يع 4 : 4 " من أراد أن يكون محباً للعالم فقد صار عدواً لله " فالعالم دائماً يعمل ضد المسيح .
3- محبة المال : " محبة المال أصل كل الشرور " فعندما تتملك محبة المال من النفس و تسود على الإنسان يصبح الإنسان عبداً للمال . " لا تقدروا أن تعبدوا الله و المال"
4-الخوف من الناس : كثيراً ما تكون أراء الناس سلبية في حياة من يتبعون المسيح و في أقوالهم . غلا 1 : 10 " فلو كنت بعد أرضي الناس لم أكن عبداً للمسيح " تبعية المسيح هي تبعية للحق الإلهي فقط و بغض النظر عن آراء الناس فينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس.
5- الخوف من المتاعب : يو " في العالم سيكون لكم ضيق و لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم ."
فقد يخاف البعض من الطريق الشائك في تبعية المسيح و لكن يعلمنا الكتاب المقدس أنه يعظم انتصارنا بالذي أحبنا"
مكافآت التبعية :
بالرغم من أن طريق التبعية يبدو شائك و مليء بالصعوبات إلا أن الحقيقة هي أن الله أعد مكافأة.
يو 21 : 25 " من يبغض نفسه في هذا العالم يحفظها لحياة أبدية . إن كان أحد يخدمني فليتبعني . و حيث أكون أنا هناك أيضاً يكون خادمي و ان كان أحد يخدمني يكرمه الآب".
لو 18 : 30 " ليس أحد ترك بيتاً أو والدين أو أخوة أو امرأة أو أولاداً من أجل ملكوت الله إلا و يأخذ في هذا الزمان أضعافاً كثيرة و في الدهر الآتي الحياة الأبدية"
فكل تضحية من أجل المسيح تقابلها بركة و نعمة خاصة لحياة كل منا و في النهاية سوف ننال أعظم مكافأة و هي الحياة الأبدية .
و لأن المسيح قد اجتاز قبلنا في هذا الطريق فسوف نجد منه دائماً المعونة الكافية أن ترفعنا و تعيننا في طريقنا .
عب 2 : 18 " لأنه في ما هو قد تألم مجرباً يقدر أن يعين المجربين"
مز 17 : 5 " تمسكت خطواتي بآثارك . فما زلت قدماي "